الصراصير تتمرد
بجوار مستنقع صغير عند أقصى بقعة في القرية بجانب المسجد القديم كان منزل الشيخ عرفان. وهو رجل طيب القلب يسالم كل شيء على الأرض حتى الحيوانات والحشرات. ومن تلك الحشرات مجموعة من الصراصير ذات الشكل المميز وقد أخذت من المستنقع سكن لها. وكانت أحيانا تتسلل الى داخل المنزل ليلا لتجمع الفتات أو ما يمكن تخزينه. وقد لاحظت تلك الصراصير طيبة وتسامح الشيخ. فهو لا يحاول القضاء عليها ويتركها تمرح وتلهوا.
ويذكر أن حدث ذات مره كانت مجموعه من الصراصير تنقل بعض الأغراض الى جوار المسجد القريب من البيت وكان الشيخ عرفان خارجا منه بعد الصلاة ونظر الى الصراصير وهى تحمل أغراضها فابتسم وأكمل طريقه عائدا للمنزل. اطمأنت الصراصير للشيخ وأحست انه موطنهم الذي طالما تمنوه.
ذادت حركة الصراصير في المستنقع وبجوار المنزل والمسجد وكان يبدوا عليهم الانشغال بتخزين الكثير من الطعام والمؤن. وكان الشيخ محافظا على اسلوبه السلمي في الحياة ولا يتأخر عن موعد نومه كل يوم. وفى ذات ليلة والشيخ نائم بجوار زوجته وولده الصغير اذ بيد قوية توقظه، فتح الشيخ عينيه فإذا بصرصار ضخم يمسك بشيء غريب وينظر الى الشيخ بغضب يأمره بالرحيل. دفعه بقوة باتجاه المستنقع حيث وجد زوجته وولده محاصران بأعداد كبيرة من الصراصير الضخمة التي لا يعلم من أين جاءت وكيف لها بهذه الأسلحة التي لا يعرف اسمها.
جلس يطمئن على زوجته وولده وأن مكروه لم يصبهما ثم جلس ينظر الى منزله ومسجده كيف كانا بالأمس وكيف صارا اليوم. ضاع كل شيء نتيجة سلميته العشوائية الغير مدروسة والتي استغلتها الصراصير فدبروا التمرد والطمع في المزيد لأنه تهاون معهم من البداية. ولكن هل يطول به التفكير والبكاء على ما فات أم يناضل من اجل إعادة حقه. يجب أن يتحرك بسرعة والصراصير لاهية فرحة بانتصارها.
فكر وفكر حتى انتفض واقفا تلمع عيناه والإصرار يملئوهما تذكر الحذاء الذي خدم به في الجيش يوم أن كان شابا. فهو ما زال يحتفظ به فوق خزانة الملابس في غرفة نومه. وهذا الحذاء من النوع الثقيل الذي يمكن يدهس أى صرصار من ضربة واحدة. انتظر حتى أتى ليل اليوم التالي. تسلل الى المنزل دون إصدار أى صوت حتى وصل الى خزانة ملابسه فتحها بلطف وراح يبحث عن الحذاء حتى وجده فأمسك به بقوة واقترب من فراشه حيث كان الصرصار الضخم نائما وبجواره واحدة من الإناث. اقترب الشيخ منهما ورفع يده ليضربهما فإذا بالصرصار الضخم يفتح عينيه إلا أن الشيخ باغته بضربة قويه أطارت رأسه بغطائها ثم ضرب تلك الأنثى القبيحة فتعجنت.
وراح يصرخ يعلن التحدي فاستيقظت الصراصير التي لم تهنأ بنصرها وحاولت الهجوم على الشيخ إلا أنه كان يقتلهم بالحذاء بالعشرات ولما زادت أعدادهم أسرع يستعين بالقطط الضالة التي أعجبها جو المعركة اللذيذ. وعند الصباح لم يكن هناك من جنس الصراصير إلا الصغار ومعهم بعض الإناث. لم يرضى الشيخ القضاء عليهم ولكن أمرهم بالرحيل بأسرع وقت. شكر الشيخ القطط التي ساعدته في استرداد بيته ومسجده. ومنذ ذلك الوقت والشيخ لا ينام حتى يتأكد من خلو داره والمسجد من أى نوع من الحشرات مستعينا ببعض القطط التي تسهر على نظافة المنزل والمسجد.
بقلم/ محمد الجابر
تعليقات
إرسال تعليق